شهدت التجارة الإلكترونية في المغرب نموًا هائلًا في السنوات الأخيرة، مدفوعةً بالزيادة المستمرة في استخدام الإنترنت والتغيرات في عادات الاستهلاك. في عام 2023، استمر قطاع التجارة الإلكترونية في المغرب في التطور بوتيرة سريعة، مدعومًا بالمبادرات الرقمية وتحسين البنية التحتية اللوجستية. يستعرض هذا المقال القطاعات التي تحقق أفضل أداء ويحلل آفاق النمو لسوق التجارة الإلكترونية في المملكة.

1. سوق في توسع مستمر

شهد سوق التجارة الإلكترونية في المغرب تسارعًا كبيرًا، خاصة بعد جائحة كوفيد-19 التي غيرت عادات الاستهلاك. وفقًا للبيانات من الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات (ANRT)، يستخدم أكثر من 90٪ من المغاربة هواتفهم الذكية للوصول إلى الإنترنت، مع زيادة مستمرة في اعتماد الخدمات عبر الإنترنت.

في عام 2022، بلغ حجم المعاملات عبر الإنترنت رقمًا قياسيًا بلغ 6 مليارات درهم، بزيادة قدرها 25٪ مقارنة بالعام السابق. سمح الانتشار الكبير للهواتف الذكية واتصالات 4G، بالإضافة إلى تحسين ثقة المستهلكين في الشراء عبر الإنترنت، بتطوير التجارة الإلكترونية بشكل كبير.

2. القطاعات المتفوقة في التجارة الإلكترونية بالمغرب

تتميز عدة قطاعات بشكل خاص في التجارة الإلكترونية في المغرب، حيث استفادت كل منها من التحول الرقمي لتحقيق قفزات كبيرة.

• الأزياء والملابس الجاهزة
  يعد قطاع الأزياء والملابس الجاهزة من أبرز القطاعات في التجارة الإلكترونية بالمغرب. تهيمن منصات مثل جوميا، شي إن، وإتش آند إم على السوق، مما يجذب العملاء الراغبين في شراء الملابس بأسعار تنافسية مع سهولة الوصول عبر التطبيقات المحمولة. يمثل قطاع الأزياء حوالي 30٪ من المبيعات عبر الإنترنت في المغرب.

• الإلكترونيات والأجهزة المنزلية
  شهد قطاع الإلكترونيات والأجهزة المنزلية أيضًا نموًا كبيرًا في التجارة الإلكترونية. توفر مواقع مثل الكترoplan وجوميا مجموعة واسعة من المنتجات الإلكترونية، بدءًا من الهواتف الذكية إلى أجهزة الكمبيوتر المحمولة، بالإضافة إلى أجهزة التلفزيون والأجهزة المنزلية الأخرى. شهد هذا القطاع زيادة في النمو بسبب الطلب المتزايد على الأجهزة الإلكترونية في المنازل، خاصة خلال فترة الجائحة.

• مواد التجميل ومنتجات العناية
  يعد قطاع مواد التجميل ومنتجات العناية بالجمال من القطاعات الرئيسية في التجارة الإلكترونية بالمغرب. فرضت منصات مثل إيف روشيه وماريو نود نفسها كرواد في بيع منتجات التجميل عبر الإنترنت. يجذب المغاربة، خاصة الأجيال الشابة، منتجات العناية والمكياج، مما يساهم في نمو هذا القطاع.

• الطعام وتوصيل الوجبات
  شهد قطاع توصيل الوجبات أيضًا نموًا كبيرًا، مع وجود لاعبين مثل غلوفو وواتس كوك. توفر هذه الخدمات للمستهلكين القدرة على طلب الوجبات بسهولة من المطاعم المحلية أو شراء المنتجات الغذائية. ساهمت زيادة استخدام هذه الخدمات خلال فترات الإغلاق في تعزيز هذه العادة الاستهلاكية بشكل دائم.

3. آفاق النمو

تبدو آفاق نمو التجارة الإلكترونية في المغرب واعدة، ومن المتوقع أن تساهم عدة عوامل في تعزيز هذه الديناميكية:

• نمو الإنترنت والـ 5G
  من المتوقع أن يؤدي نشر تقنية الـ 5G في المغرب إلى تغيير مشهد التجارة الإلكترونية من خلال تسهيل الوصول إلى خدمات أسرع وأكثر سلاسة. سيسمح تحسين الاتصال بتجربة مستخدم أفضل، خاصة بالنسبة لمقاطع الفيديو والتسوق عبر الإنترنت.

• اللوجستيات والتوصيل
  يعد تطوير البنية التحتية اللوجستية عاملًا رئيسيًا في النمو المستقبلي للتجارة الإلكترونية. تعمل منصات مثل أمانة وكرونوبوست على تحسين خدمات التوصيل لتلبية الطلب المتزايد. بالإضافة إلى ذلك، ستعزز الجهود المبذولة لتقليص مواعيد التسليم وتحسين إدارة المرتجعات ثقة المستهلكين.

• وسائل الدفع الإلكتروني
  يظل الدفع عبر الإنترنت من العوامل المهمة لتطوير التجارة الإلكترونية. لقد زاد استخدام المدفوعات عبر الهواتف المحمولة وبطاقات الائتمان في السنوات الأخيرة، على الرغم من أن الدفع عند الاستلام لا يزال شائعًا. مع جهود الحكومة والشركات الخاصة لتعزيز الخدمات المالية الرقمية، من المتوقع أن يستمر استخدام المحافظ الإلكترونية وحلول التكنولوجيا المالية في الزيادة.

• التجارة الإلكترونية العابرة للحدود
  لدى المغرب أيضًا القدرة على أن يصبح مركزًا إقليميًا للتجارة الإلكترونية في شمال إفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENA). من شأن زيادة الشراكات مع عمالقة عالميين مثل أمازون وعلي بابا أن تفتح آفاقًا جديدة للتجارة العابرة للحدود، مما يسهل تصدير المنتجات المغربية إلى أسواق أخرى.

4. التحديات التي يجب التغلب عليها

على الرغم من أن آفاق النمو إيجابية، يواجه قطاع التجارة الإلكترونية في المغرب عدة تحديات:

• ثقة المستهلكين : رغم أن الثقة في التجارة الإلكترونية قد زادت، إلا أن بعض المستهلكين لا يزالون يترددون في إجراء عمليات شراء عبر الإنترنت، خاصة فيما يتعلق بأمان المدفوعات وجودة المنتجات المرسلة.

• الوصول إلى المناطق الريفية : لا يزال تطوير التجارة الإلكترونية مركّزًا في المناطق الحضرية. من الضروري إنشاء بنية تحتية ملائمة وتحسين اللوجستيات للوصول إلى المناطق الريفية حيث قد يكون الوصول إلى الإنترنت محدودًا.

تستمر التجارة الإلكترونية في المغرب في النمو بوتيرة سريعة، مدفوعةً بزيادة الوصول إلى الإنترنت، وتحسين الحلول اللوجستية، وتنويع العروض عبر الإنترنت. تعتبر قطاعات الأزياء والإلكترونيات ومواد التجميل وتوصيل الوجبات من أكثر القطاعات أداءً، في حين أن وصول الـ 5G وتحسين وسائل الدفع يقدم آفاقًا مشجعة. على الرغم من وجود بعض التحديات، بما في ذلك الثقة والمشاكل اللوجستية في المناطق الريفية، فإن القدرة على النمو في التجارة الإلكترونية المغربية لا شك فيها.